“أغاني الغياب“
هنا في دروبِ الفراق الطويل،
تغنّي الرياحُ حكايا العِتاب
تمرُّ الليالي كفارسِ حلمٍ،
يُراوغني مثلَ وهمٍ كذاب
رأيتُ المدى شاحبًا في عيونٍ،
تُحاكي غروبًا توارى خفيّا
كأنَّ النهارَ يُرتّلُ همسًا،
ويعزفُ وجعي بأنغام ناي
أنا ذلك التائهُ في وجهِ موجٍ،
يراقصُ قلبي ويُغرِق صداي
أحاول أن أُمسكَ شمسَ الأماني،
فتنفلتُ اللحظةُ من مُبتغاي
تُحدّثني الأشجارُ عن عطرِ حبٍّ،
تسلّق أهدابَ غيمٍ بعيد
وأسمعُ في قلبِ زهرةِ صمتٍ،
نشيجَ فراشاتِ شوقٍ عنيد
ويا ليلُ، كم فيك من ساهرين،
توسّد حلمَ النداءِ العتيق
نقشتُ على راحةِ النجمِ سرّي،
وحاورتُ فيه ملوكَ البلاد
كأنّي أُلامسُ صدرَ المدى،
وأشعلُ فيه ارتعاشَ الحنين
فيمتدُّ شوقي كنهرٍ محاربٍ،
تكسّر مجراه في كلّ حين
أنا في غيابِ المرافئ غريبٌ،
أراقبُ ظلِّي يُحاكي الظلال
أُفتّشُ عنّي بكل الأغاني،
هنا في دروبِ الفراق الطويل.