جميع الحقوق محفوظة لعماد إيلاهي. يُمنع نسخ أو إعادة نشر أي جزء من هذا الموقع بأي وسيلة دون إذن كتابي مسبق.

ليس من السهل أن نقف أمام تجربة إبداعية بحجم تجربة الشاعر والمفكر جلال المخ دون أن نلمس أبعادها التجديدية، لا بوصفها مجرد حالة فردية، بل كإرهاص بمدرسة أدبية وشعرية جديدة تتشكل في الأفق. إنه شاعر يكتب خارج القوالب التقليدية، لا ليكسرها فحسب، بل ليعيد بناءها وفق رؤى حديثة تجعل من الإبداع فعلاً متجاوزًا، لا استعادةً لما كان.

مفهوم المدرسة الأدبية عند جلال المخ

إذا كانت المدارس الأدبية الكبرى قد قامت على ثورات ضد الأنماط السائدة، فإن تجربة جلال المخ تؤسس لثورة جديدة تتجاوز الشكل إلى الجوهر، حيث يعيد النظر في دور الشاعر، في وظيفة اللغة، وفي العلاقة بين الفكر والإبداع. لا يكتفي جلال المخ بكونه شاعرًا أو ناقدًا أو مفكرًا، بل يمزج كل هذه الأبعاد في مشروع أدبي متكامل يُمكِن اعتباره لحظة ميلاد لمدرسة شعرية وفكرية جديدة.

1. النص المفتوح: تحطيم الحدود بين الأجناس الأدبية

من أبرز ملامح هذه المدرسة هو تجاوز التصنيفات الجامدة بين الشعر والنثر، بين النقد والإبداع، بين التأمل الفلسفي والتجربة الحياتية. جلال المخ لا يكتب القصيدة فقط، بل ينحتها بفكر عميق، يملؤها بالمجازات الفلسفية، ويجعل منها سؤالًا مفتوحًا على الوجود والمطلق، تمامًا كما يفعل أدونيس أو محمود درويش، ولكن برؤية أكثر تحررًا من أي التزام شكلي مسبق.

2. الثورة على البلاغة التقليدية

تقوم هذه المدرسة على بلاغة جديدة، حيث لا تكون الصورة الشعرية مجرد تزيين للمعنى، بل هي المعنى ذاته. القصيدة عند جلال المخ ليست ترفًا لغويًا، بل فعل مقاومة معرفية، ثورة على الجاهز والمُسلَّم به، محاولة مستمرة لتفكيك بنى التفكير السائدة، وإعادة تشكيلها بوعي حداثي حاد.

3. استعادة الشعر لوظيفته الفكرية

الشعر في مدرسة جلال المخ ليس مجرد حالة وجدانية أو رومانسية، بل هو فلسفة، موقف من العالم، تحدٍّ للمألوف، وتحريض على مساءلة الذات والآخر. القصيدة هنا ليست استجابة لحالة شعورية فقط، بل هي موقف فكري يحاور التاريخ والدين والسياسة والأسطورة، ويطرح رؤى تتقاطع مع الميثولوجيا والفلسفة والوجودية.

من فردانية التجربة إلى تأسيس المدرسة

ما يجعل تجربة جلال المخ قابلة للتحول إلى مدرسة أدبية جديدة هو أنها ليست مجرد تجربة فردية منعزلة، بل مشروع متكامل يمكن أن يشكل تيارًا إبداعيًا قائمًا بذاته. إنها كتابة تتحدى القارئ وتفرض عليه الدخول في لعبة التأويل والمساءلة. ولعل أهم ملامح هذه المدرسة أنها:

  1. تدمج بين الفلسفة والشعر في نص واحد، بحيث يصبح التفكير جزءًا من الإيقاع.
  2. تحطم الحدود بين الأنواع الأدبية، مما يجعل القصيدة أكثر انفتاحًا على التأويل.
  3. توظف الرمز والأسطورة لا كزخرفة جمالية، بل كأدوات لفهم العالم وإعادة قراءته.
  4. تخلق فضاءً شعريًا جديدًا لا يعتمد على الأوزان التقليدية فحسب، بل يستفيد من طاقة النثر ومن تقنيات السرد والتصوير السينمائي.

نحو مستقبل أدبي جديد

إذا كانت المدارس الأدبية تُبنى على لحظات فارقة، فإن تجربة جلال المخ تبدو وكأنها إحدى هذه اللحظات التي تمهد لتحولات جذرية في المشهد الشعري والأدبي العربي. إنها لحظة ميلاد لمدرسة جديدة لم تُسمَّ بعد، لكنها بدأت تأخذ مكانها في خارطة الإبداع المعاصر.

ربما سنحتاج إلى سنوات لنرى مدى تأثير هذه الرؤية الجديدة في الأجيال القادمة، لكن ما هو مؤكد أن جلال المخ ليس مجرد شاعر، بل هو مشروع فكري وفني متكامل يمكن أن يصبح مرجعية لمدرسة جديدة في الشعر والأدب.

Fb Img 17401738076854589040094971863030
جلال المخ: إعلان لانطلاق مدرسة جديدة في الشعر والأدب 7
Shares:
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *