“غريبٌ أنا”
غريبٌ أنا، غريبُ الزمانْ
كبحر يهيج بلا مرفآنْ
كظلٍّ تمدّدَ فوقَ الخرابْ
وغابَ الصديقُ فغابَ المكانْ
أنا الفجرُ يبكي بليلٍ كئيبْ
وأحلامُهُ كالدخانِ الدّفانْ
غريبٌ كحرٍ بينَ العبيدْ
تكلّمَ، فارتدَّ صوتُ البيانْ
كطيرٍ يُغنّي نشيدَ الحِرابْ
ولا سامعٌ غيرَ أذن الهوانْ
دعوتُ القلوبَ لتسكنَ ضوءًا
فصدّتْ، ومالتْ لقول جبانْ
أنا الوترُ الحيّ إذا ما ارتجفتْ
كفوفُ الجفاء فوقَ صدرِ الكمانْ
كليلٍ يلاقي نهاراً عنيدًا
فلا الليلُ يبقى، ولا الضوءُ كانْ
غريبٌ، وغربتي نايُ حزين
يغنّي لدهر سقيم الزمانْ
أُراني كشمسٍ تعرّتْ وحيدةً
وقد أغلقَ الأفقُ كلَّ العيانْ
غريبٌ أنا، أحملُ الحُلمَ طفلًا
وارسم الفكر حورا حسانْ
أُضيءُ كقنديلِ حبٍّ سقيمٍ
يقاومُ ريحاً تهزُّ المكانْ
أنا فكرةٌ ما تزالُ تُقاتلْ
أنا حالة تفردت في الزمانْ
غريبٌ كصالحٍ في ثمودْ
ذبيح دمائي بلونها قانْ
سأمضي، فإمّا بلوغُ الضياءْ
وإمّا أخلّد كل هذا الكيانْ