جميع الحقوق محفوظة لعماد إيلاهي. يُمنع نسخ أو إعادة نشر أي جزء من هذا الموقع بأي وسيلة دون إذن كتابي مسبق.

ليلة مطرية

حين يَحلُّ ليل الشتاء ويُسدلُ ستاره الثقيل، تتناثر قطرات المطر كحبات من اللؤلؤ على صفحات الأرض، تُكتب قصيدة منسية في دفتر الزمن. تغسل السماء وجوه الشوارع، فتُشرق الأرصفة بلمعانها البارد، كأنها مرايا تعكس أنفاس الليل المبللة.

تتعانق قطرات المطر مع أنغام الريح، ويعلو في الأفق لحنٌ خفيٌّ، يشبه نداءً خافتًا من حنينٍ عتيق. تهمس الشوارع بصوت الرذاذ الناعم، وتفتح النوافذ أرواحها لاستقبال هدوءٍ نادرٍ، يُغلف الصمت بحريرٍ من تأمل.

في تلك اللحظة، تذوب الأوقات وتتلاشى الحدود بين الحلم والواقع، ويصبح المطر لغةً أزليةً تتحدث بها القلوب المنفردة تحت دفء الأغطية، كل قطرةٍ تنادي الأخرى، كأنها أسرارٌ تتهادى بين السماء والأرض، تبحث عن مستمعٍ يفهم لغة الماء.

آهٍ، ليت كل ليلٍ شتويٍّ يُطيل مقامه، وليت المطر يُكمل عزفه الأبدي، ليظل القلب مأخوذًا في دوامة الجمال السرمدي، يتوه بين حبات المطر، ويعود مع كل قطرةٍ جديدًا، كأن الحياة تبدأ من جديد مع كل هطول.

عماد إيلاهي

Shares:
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *