جميع الحقوق محفوظة لعماد إيلاهي. يُمنع نسخ أو إعادة نشر أي جزء من هذا الموقع بأي وسيلة دون إذن كتابي مسبق.

مسرحية: “يوميات معلم”

(الركح فارغ ما عدا مكتب صغير، كرسي، سبورة، ومحفظة المعلم محطوطة فوق الطاولة. يدخل المعلم، في الأربعينات، لابس طبلية بيضاء ومظهره تاعب أما يضحك. يتقدم للكرسي ويقعد بشوية. يبدا يحكي مع الجمهور.)

المعلم: (يبتسم بتعب) أهلا وسهلا بيكم في قسمي العزيز. ما تخافوش، ما ثماش لا “وين كراس المنزل” ولا “أخرج الألواح”… لا لا. هوني القعدة بالراحة، والروح رياضية. أنا المعلم… ولا الأستاذ… ولا عبد الله كيما تحبوا تسموني. حبيت نحكي معاكم على نهاري. نتصور تقولوا “عادي، شنية جديدة؟ معلم كيما كل معلمين.” أما صدقوني، كل نهار عندو حكايته، وكل قسم عندو دنيتو الخاصة. الي تتعاش كل يوم.

(يقوم من الكرسي ويمشي للسبورة، يكتب بخط كبير: “قسم السنة السادسة – الأبطال”.)

المعلم: (بفخر) هاذوما ولادي، الأبطال متاعي. كل صباح ندخل القسم وأنا نواجه مغامرة جديدة. يضحكوني، يغضبوني، يدوخوني، يجلطوني ويخلوني نسأل روحي: “كيفاش كنت نتصرف وقت كنت صغير؟”

(يتوقف، يشوف الجمهور بتأمل.)

المعلم: يلا !، خلينا نبداو بنهار عادي.

(يرجع للكرسي ويبدأ يقلد روحو وهو يحكي مع التلامذة.)

المعلم (كيما في القسم): “صباح الخير يا أبطال. محمد، شبيك يدك ديما في جيبك؟ ها؟ مريم، تجتر! نحي العلكة من فمك. ياسين، أقعد مليح و هبط ساق على ساق. اليوم عنا درس في الجغرافيا: ‘المنطقة الصحراوية’. تعرفوها؟ لا سيدي؟ علاش؟ خاطر انتوما جيل “تيك توك”. (يضحك) باهي باهي، نرجعو للدرس…”

(يتوقف عن التمثيل ويرجع للجمهور.)

المعلم: ديما نفس الحكاية. أما صدقوني، التلامذة أذكى برشة من اللي تتصوروه. مثلا، الأسبوع اللي فات، جاني ياسين يقولي: “أستاذ، علاش القمر ما يطيحش؟” (يشوف الجمهور بدهشة) أنا معلم جغرافيا، مش عالم فلك! قلتلو: “ياسين، القمر مربوط بالجاذبية.” قاللي: “وأنا مربوط بالأعداد، علاش نطيح؟” (يضحك).

(يتوقف شوية ويقعد على حافة الطاولة.)

المعلم: المشاكل ما توقفش عند القسم. راهو التعليم موش مجرد دروس. التلميذ اللي يجيك جيعان، واللي لبستو مقطعة، واللي عينيه تحكيلك “عندي مشاكل في الدار” ” بابا يضرب في أمي” ” نتمنى بابا يبات بحذالنا… شتعمل؟ نحب نعاون الكل، أما أنا زادة عندي حدودي. الشهرية شهرية حضيرة، والكتب اللي نحب نقري بيها، لازم نشريها من جيبي. و الدالتا شو الي يعشقها المتفقد والبدائل والطرائق و المشكال والهبال اووووف راسي !

(يشوف الجمهور بنظرة عميقة.)

المعلم: ورغم هذا الكل، نقوم كل صباح ونقول: “لازم نمشي.” نحب نبدّل، ولو حاجة صغيرة. التلميذ اللي يفرح بعدد مزيان في الدفتر، واللي يحكي لأمو: “أستاذي قال لي برافو. صحيت”

(ينهض مرة أخرى، ياخذ الكرطابة من فوق الطاولة، ويبدا كيما بش يخرج.)

المعلم: التعليم يا جماعة، موش خدمة. التعليم رسالة. وإن شاء الله، الصغار اللي قاعدين نقريو فيهم اليوم، هما اللي بش يبنيو تونس غدوة.

ممكن رئيس تونس او وزير يكةن واحد من الصغار الي قريتهم أما حتى يجي الغدوة… نستناو.

(يتوقف في وسط الركح وينظر للجمهور بابتسامة صغيرة.)

المعلم: على خاطر، في الأخير، الأستاذ زادة بني آدم ولحم ودم. كيفكم

(ينحني لتحية الجمهور، ويخرج من الركح. الأضواء تنطفئ بشوية بشوية.)

النهاية.

مسرحية: “يوميات معلم”

Shares:
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *