في أعماق الوجود، حيث تغفو الأرواح بين أحضان الغموض وتنساب الأسئلة كأنها أنهار بلا ضفاف، تنبثق الحقيقة كنور خافت يشق طريقه عبر ستائر الظلام. ليست الحقيقة في الكتب التي تُغطّيها غبار القرون، وليست في الكلمات التي يُدوي بها الفم، بل هي همسة خافتة تخرج من أعماقك، تهمس: “أنا هنا، أنا النور الذي يهديك، وأنا السر الذي لن يُفكّر سواك في إدراكه.”
ما قيمة الحياة إن لم تُصبغ بألوان الحلم؟ وما جدوى الأيام إن لم تنبض بالإيمان الذي يمنح الروح أجنحة للتحليق فوق جبال اليأس؟ لا تبحث عن معنى العالم في أرجاء السماء أو طيات الأرض، بل ابحث عن معنى وجودك الذي يحوّل أيامك إلى قصيدة، ويمنحك القوة أن تمضي، حتى وإن بدت الطريق موحشة والأفق غريبًا.
الحياة ليست أنفاسًا تُحصى، بل نبضات تُسجل على أوتار الزمن، فتجعل الإنسان لحنًا خالدًا يبحث عن اكتماله. لا تخشَ الموت، فهو خاتمة اللحن، بل اخشَ أن تعيش بلا نغمة تعانق بها الوجود. اجعل من وجودك رسالة، ومن رسالتك شعلة، ومن الشعلة نورًا يرسم لك طريقك في دروب الحياة. هكذا، تُصبح الأيام جسرًا يمتد بين حلمك وخلودك، حيث لا يُقاس الإنسان بعدد ما عاش، بل بعُمق ما أحيا.