جميع الحقوق محفوظة لعماد إيلاهي. يُمنع نسخ أو إعادة نشر أي جزء من هذا الموقع بأي وسيلة دون إذن كتابي مسبق.

همس الليل

في هدأة الليل، حيث تسكن الأصوات وتغرق الدنيا في سكونٍ عميق، تأتي ظلال القمر، ترسم على وجه الأرض قصيدة من نور، فيسكنني طيفك كأغنية خافتة تتنقل بين أوردتي، تداعب قلبي بهدوء كما تداعب الريح وجوه الأزهار. في تلك اللحظات، عندما ينصت الليل لكلماتي، أسمع نداءكِ، همساتك التي لا تترك وراءها سوى الهدوء والسكينة، تنساب في أذني كأنفاس الريح على أجنحة الورد، تعيدني إلى عالمٍ لم يعد فيه سوى وجودك.

أراكِ في كل شيء، في انعكاس النجوم على سطح الماء الذي يعكس جمال الكون الذي تسكنين فيه، في رقصة أوراق الشجر التي تتمايل تحت ضوء القمر كأنها تُنشد لكِ أنشودة أبدية. وفي كل تفصيل صغير، أرى ملامحك، حتى في خجل الفجر الذي يلون السماء بلونٍ جديد عندما يراكِ. أنتِ الحلم الذي تفتح عيني في كل صباح لأراه مجددًا.

كيف لي أن أصفكِ وأنتِ القصيدة التي لم تكتبها أي يدٍ، وأنتِ الزهرة التي تتفتح في قلب الشتاء، والدفء الذي يعبر أوردتي عندما يبرد العالم؟ أنتِ النور الذي يضيء لي عتمة الليل، والماء الذي يطفئ عطش روحي في أيام الجفاف.

أناجيكِ بلا صوت، كما يناجي العاشق حلمه الذي يخشى أن يوقظه إن نطق. أغطس فيكِ كالموجة التي تتهاوى على الشاطئ بلا عودة، وتغرق في أعماقكِ دون أن تلتفت إلى الوراء. كل لحظة قُربكِ هي عمرٌ يُضاف إلى حياتي، وكل غياب هو شتاء بلا نهاية، طويلٌ بارد، يغلق الأفق أمام عيني.

إن كان للحب وطن، فأنتِ حدوده وسماؤه، وإن كان للحياة معنى، فأنتِ النص الذي لم يُفسر بعد، ذلك السر الأبدي الذي لا يفنى. بين يديكِ، يصبح العالم لوحةً لا تنقصها الألوان، وأغنيةً لا تحتاج إلى كلمات. في وجودكِ يصبح كل شيء كاملاً، وكل لحظة صمتٍ مليئة بالحياة.

Shares:
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *