“يقينٌ في وجه العبث“
يقينٌ يجيءُ كنبضِ الخلودِ
كأنّ الحياةَ تُناديني: عُدْ
كأني أرى في سراديبِ نفسي
بقايا ضياءٍ، يلوحُ، يهدُ
أُؤمنُ أنَّ الفناءَ سُرابٌ
وأنَّ الشقاءَ غرورٌ عنيدْ
فكم من عصورٍ تهاوتْ كطيفٍ
وظلَّ اليقينُ كنجمٍ بعيدْ
أُؤمنُ أنّ التناقضَ يمضي
كموتِ البدايات عندَ الصباحْ
وأنّ الحقيقةَ لا بدَّ يومًا
تجفُّ كظلٍّ على السّفحِ …
إذا ما تناحرتِ الأرجلُ سُكرًا
وصارت دماءُ السنينِ سدى
سيبقى هناكَ جدارٌ يصيحُ:
“بأنَّ الحقيقةَ صبرٌ هُدى”
هي الآهُ تَحفرُ في عمقِ روحٍ
لكي تُنبتَ الأرضُ ريحَ السلامْ
هي الحُلمُ يمشي بعينِ فقيرٍ
يُحدّثُ طفلًا: “سنسقى الغمامْ”
فلا الليلُ يبقى، ولا الحزنُ يبقى
ولا هزأةُ الناسِ أو خُطَواتْ
فما الكذبُ إلا دخانُ الأنينِ
تبدّدَ حينَ استفاقَ السّباتْ
وما هذه الأرضُ إلا مرورٌ
لحرفٍ به الكونُ يَحيا ويمضي
وما نحنُ إلا غبارٌ يُضيءُ
ليعلو بصمتٍ إلى العرشِ يمضي
فيا نفسُ سيري على عَتَباتٍ
تُطلُّ على حتفِ هذي الدموعْ
غدًا يَشرقُ الصبحُ يومًا جليًّا
وتفنى المواجعُ، بين الضلوعْ
سيصحو اليقينُ، كما طيرُ نَوحْ
تحلَّى بأشواقِ عُشبٍ جديدْ
ويسقطُ عن وجهِ هذا الوجودِ
قناعُ الخرابِ، كأمرٍ بليدْ
ستبدو الحقيقةُ يومًا كنجمٍ
تراهُ القلوبُ إذا ما انتظرتْ
كأنّ السماءَ تنادي العصورَ:
“تعالي إلى حيثُ نجمٌ تليد”
فلا مِحنةٌ تدفعُ العُمرَ قسرًا
ولا عُتمةٌ في السماءِ تُطيلْ
فيا عالمًا قد توارى غرورًا
وراءَ البكاءِ، غدًا لن يَميلْ
ستُولدُ أزهارُ كلّ المعاني
وتُمحى خطايا العقولِ الجليدْ
ويُشرقُ سرٌّ عظيمٌ يلوحُ
كأنَّ الحياةَ تعودُ لتمضي
فهذي يقيني، وهذا فؤادي
وإن طالَ ليلُ السؤالِ العنيدْ