“ظلٌّ في دروب الذاكرة“
سـماءٌ كم ضاق في فضائها الأمل
وأرضٌ على أوجاعها تتكسر
بين الجبال تاه الندى، واحتبست
في العيونِ غيماتُ الحلمِ، وتعتصر
أحلامُ الأيامِ، ضاعَ صداها
وفي الصمتِ العميقِ القلبُ يختنق،
يتألم …
حـينما كانت خطواتُنا في الندى
تحت أقدامنا، الوردُ يبتسم
دروبٌ كنّا نظنُّها سـتـظلُّ
نـسماتٍ، تملؤها عطرُ الزهر
لكنَّها أصبحت في الذاكرةِ ظلالًا
تـلوحُ، وتـموتُ في الحزنِ والشجر
كم ضحكتِ السماءُ، ثم بكت
وعانقـتِ الأملَ، ثم غرقتِ في الأسى
خطواتُكِ كانت لحنًا يضيءُ قلبي
لكنها في دروبِ الليلِ تـنـطفئ
رؤاكِ كانت أضواءً في السُهُولِ
تسكنُ في كلِّ زاويةٍ، وتهمس
لكنها الآن في عيونِ العصافيرِ
تحوَّلتْ إلى نـجومٍ، تنطفئ وتغيب
كيفَ لكِ أن تكوني الزهراءَ ذات يومٍ
ثم تصبحين من الرياحِ غبارًا ضائعًا؟
أوه، كم كنتِ تبنينَ في قلبي حصونًا
وأنا اليوم بين الأطلالِ أخشى الدمار…
أعيش الحصار…
شعرتُ في كلِّ زاويةٍ بكِ،
حتى على حوافِ الأشجارِ …
كنتِ أظهر
لكنّكِ غبتِ عني مثلَ ظلٍّ بعيد
تغيبُ ولا يـبقى في دروبِكِ أثر
إلى أين ذهبَ الحبُّ الذي صنعناهُ؟
أينَ الوعدُ ….
الذي كان يـنقشُ في عيونِ الزهر؟
ها أنا هنا في انتظارٍ….
وكأني أسألُ أطيافَكِ عن سرِّكِ،
وعن هذا الاندثار …
كيفَ لصوتي أن يصل إليكِ؟
وأنتِ الآن بينَ الجدرانِ تقيمين
سـمعتُ صدى الكلماتِ يترددُ
لكن صداها كان كالريحِ، يرحل ويغادر
ماذا بقيَ في قلبي غير صدى
من الحكاياتِ القديمة؟
الزمانُ مَرَّ، وتغاضى عن وجعِنا
أيامٌ غاب فيها الأملُ، ونسينا
مـا كنتُ أحسبُ أنَّ الأيامَ تتبدلُ
وأني سأظلُّ وحدي، في المدى أتيهُ
لكنَّ كلَّ لحظةٍ كانت لنا حلمًا
أصبح اليومَ حلمًا باهتًا، يختفي
مـا كنتُ أحسبُ أنَّ حبَّنا سيتغيرُ
ويصبحُ بينَ يديَّ سرابًا يحترق
لكنَّ الذاكرةَ تحملُ صوتكِ في الأعماق
رغمَ ما صارت عليه الأيامُ، تتقلَّب