“حين ينطق الغياب”
أُناجي الفضاءَ كمن ضاعَ فيه،
كأنّي غريبٌ تآكلهُ الصّمتْ،
تُعيدُ النجومُ إلى خاطري،
قصائدَ عشقٍ تجفُّ إذا غنتْ.
وألمحُ وجهي على صفحةِ الماءِ،
فأرثي لنفسي، وأشدو لها،
كأنّي حكايةُ وهمٍ طويلٍ،
تدورُ وتبقى الأسى مقلتيها.
إذا ما استفاقَ الغريبُ قليلاً،
وجدتُ طريقًا إلى سدرةِ التيهِ،
هناكَ أضيعُ، هناكَ أفيقُ،
فأُدركُ أنّ الحُلمَ نارٌ بأطرافِ ثلج.
رأيتُ الظلالَ تُراقصُ دربًا،
فدنوتُ، فكانتْ خرابًا وعتمه،
وأصغيتُ للريحِ تحملُ همسي،
فما عادَ منها سوى موتِ همسة.
أنا السائرُ الآنَ بينَ الثقوبِ،
أُلامسُ ضوءًا، فألقى فراغا،
كأنّ الحقيقةَ حلمٌ عنيدٌ،
إذا ما اقتربتَ تناهى اختناقا.
وهل في الضلوعِ سوى بُرقُعِ حزنٍ،
يغطي انكساراتِ وجهي الوحيدْ؟
وهل في النداءِ سوى صوتِ قلبٍ،
يُرتلُ نشيدَ الغريبِ البعيدْ؟
فيا أنتَ يا كوكبًا في فضاءٍ،
سئمتُ السُّؤالَ وأجري الجواب،
خذِ الآنَ مني حكايات شوقٍ،
أعيشُ بها عابرًا للغياهبِ.
إذا ما وجدتُ طريقًا إلى النورِ،
سأمشي وحيدًا إليهِ جريحًا،
وإن لم أجدْ، سأخلّدُ هذا
السرابَ الذي صارَ وحيًا فصيحًا.