لا تسألني عن لقاءٍ يجمعنا، فالوعد إن لم يكن وعدَ الحرِّ، فهو رمادٌ تذروه الرياح. قد صدّقتك حين كنت أرى في كلماتك شمساً تشرق على بحور الشوق، ولكن ما كانت إلا سراباً يرتدي قناع الحقيقة. كنا في بحور الهوى كغريبين التقيا على شطِّ بوحٍ خافت، نخطُّ الحروف تلميحاً كي لا تجرحها صراحةُ العاشقين.
كان الليل من حولنا صامتاً، والكون كأنما ينوح في حدادٍ أبدي. لكنّ سرباً من طيور الخطاف حلق فوقنا، يوشوش في قلوبنا طمأنينةً تُداوي ليالي الشتاء القاسية. كنا نبحث عن دفءٍ لا تمنحه الأرض، عن حضنٍ لا يعرفه الواقع، ولم نجد غير السماء ملاذاً، والأرض مأوىً قاحلاً.
كلانا غارقٌ في بحرٍ عميق، بحرٍ تتلاطم فيه أمواج الاحتمالات وتضيع فيه كل الوعود، كما تضيع الذكريات بين السماوات البعيدة. وكلما أفرطتُ في الصمت، أُزهِقت على أعتاب قلبي حروف اسمك، وتلاشت موداتٌ كانت تُشعل أيام الصبا.
اليوم، أقرأ الوعود القديمة كمن يقرأ على صفحات الماء، كلماتٍ لم تُكتب لتبقى. وما عاد الليل يأخذني إلى حيث كنتُ أراك، وما عادت النجوم ترسم وجهك. كأنّ الحب كان حلماً عابراً، وكأنّ البوح كان شِتاءً قاسياً لا يذوب.
عماد إيلاهي