بين دخان الكلمات وصمت التأمل
في زاوية مقهى هادئ، جلستُ وحدي، بين يديّ كتابٌ قديمٌ، تنساب كلماته كأنها أغنية همستها الرياح في أذني. على الطاولة، تتراقص سيجارتي في ضوء المصباح الخافت، خيطٌ من الدخان يتلوى كروح حرة تود الهروب إلى السماء.
القراءة والسيجارة… رفيقان صامتان، يحملانني بعيداً عن صخب العالم. في كل صفحة أقلبها، أجد عالماً جديداً يغمرني، وحين أرفع عيني لأشاهد الدخان يتلاشى، أشعر وكأنني أتوهج في زوايا الهدوء الذي ينسجه كلٌ منهما.
تلك اللحظات التي تتعانق فيها حروف الكتب مع رائحة التبغ، تحملني إلى عوالم من التفكير العميق، حيث يلتقي الماضي بالمستقبل في أحضان الحاضر. السيجارة تحترق ببطء، والكتاب يفتح لي أبواباً لا تنتهي، كلاهما يمنحني حرية التأمل، كأنهما يهمسان لي بأسرار الكون التي لا تُقال.
هكذا أجد في القراءة والسيجارة ملاذاً، مساحة صغيرة من السلام، حيث تتلاشى الفوضى ويصبح كل شيء واضحاً، ولو للحظات قليلة، قبل أن يعيدني الزمن إلى واقعه.