الخيبةُ والرجاء: سيمفونيةُ الحياة بين الأمل والانكسار
تمضي بنا الأيام كما يمضي النهرُ إلى البحر، نحملُ في قلوبنا بذورَ الأمل، نرويها بماءِ الترقّب، فتورقُ حينًا وتذبلُ حينًا، متراقصةً بين رجاءٍ عالقٍ في الأفق وخيبةٍ تتسللُ إلينا كنسيمٍ باردٍ في ليلةٍ خريفيةٍ عاريةِ الفروع. كم حلمٍ سقيناهُ من أرواحِنا حتى ارتوينا منه قبل أن يثمر، وكم رجاءٍ غرسناهُ في تربةِ الصبرِ، فما لبث أن جفّت أغصانُه بين أيدينا كأن لم يكن.
الخيبةُ يا صاحبي ليست إلا مرآةً نرى فيها وجوهَ آمالنا بعدما جرّدها الواقعُ من ألوان الوهم، فنقفُ مشدوهين بين التمسّك بها كأشلاءِ ماضٍ مات، أو دفنها في أرضِ النسيان علّنا نُنبتُ حلمًا جديدًا، أشدّ تماسكًا، وأعمقَ تجذّرًا في صخرةِ التجربة. وما الخذلانُ إلا امتحانُ القلوبِ، به تُعرفُ معادنُ البشرِ، ويُفرزُ الذهبُ من الرماد، وفي كلِّ انطفاءٍ ميلادٌ جديدٌ للنور، وإن كنا لا نراهُ لحظةَ السقوط.
لا تجزعْ يا صاحبي إن خذلتكَ الأيامُ، فالخيبةُ لحنُ الحكمةِ في سيمفونيةِ الحياة، ومن لم يسمعْ أنينَ أوتارِها، لن يدركَ نشوةَ النغمِ حين يُبعثُ الرجاءُ من بين الرماد. وإن الذي يخذلكَ اليومَ، قد يكونُ دليلَك غدًا إلى حيثُ لم تحلم، وإن البابَ الذي أُوصدَ في وجهِك، ليس إلا طريقًا إلى أبوابٍ لم تفتحها يداك بعد.
لا تلعن الخيبةَ، فإنها المعلمُ الصامتُ الذي يربّي أرواحنا على صبرٍ أمتن، ورجاءٍ أوسع، وإيمانٍ بأن كلَّ سقوطٍ ليس إلا دفعةً إلى الأعلى، وإن تأخرَ الصعود. كن كالجبالِ، لا تَهُزُّها الريحُ وإن اشتدّت، وكنْ كالشمس، تمنحُ النورَ لمن يستحق، ولا تحزنْ على من اختار العتمةَ بعدَك.
عماد إيلاهي
#الخيبة #الأمل #الرجاء #الحكمة #خواطر #إلهام #تأمل #قوة #نصوص_أدبية #أدب